(اللقطاء) قضية مقلقة تبحث عن حل : خلل اجتماعي وعنف ضد الطفولة

Printer Friendly, PDF & Email
image

لازال العثور على اطفال حديثي الولادة في اماكن مختلفة من المملكة حدثا شبه متكرر ، ففي اقل من اسبوع تم العثور على اكثر من طفل اما على باب عمارة او على ابواب المساجد.
وبحسب شواهد فان البعض يلجأ للتخلص من المولود فور ولادته فيما يعمد اخرون الى التخلص منه بعد مضى فترة على ولادته بدليل العمر ، والمقتنيات التي تترك مع الطفل من ملابس وحليب مما يدل على انه تم الاعتناء به لفترة من الوقت .
ويرى اخصائيون اجتماعيون ان قضية الاطفال اللقطاء تصنف من القضايا الاجتماعية التي تؤشر على وجود خلل ما في العلاقات الخارجة عن اطار الزوجية ، مما يدفع الام الى التخلص من طفلها كي تتهرب من تبعيات المسؤولية الاجتماعية .
وقالوا ان القاء طفل حديث الولادة في الشارع هو عنف ضده وتعد على طفولته التي لم يبدأها بعد ، بما لا يقل الما عن توجيه العنف الجسدي لاطفال يعيشون داخل اسرهم من قبل امهاتهم او ابائهم او زوجات الاب كما حدث اخيرا مع الطفل يزن الذي تعرض لعنف جسدي وهو داخل اسرته مما ادى الى دخوله في غيبوبة ووفاته .
ويفسر رئيس المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور مؤمن الحديدي قضايا اللقطاء بانها قضية مجتمعية مرتبطة بالعنوسة والفقر و المخدرات والبطالة والطلاق والاعتماد على الخادمات في الاعتناء بالاطفال بشكل كامل مما يؤدي الى حدوث عنف اسري باختلاف اشكاله .
وقال الحديدي ان مثل هذه المشاكل تتطلب جهدا تشاركيا بين جميع الجهات التي لها علاقة للخروج بحلول تسهم في الحد من العنف الاسري وقضايا الاطفال اللقطاء التي تتجدد بين فترة واخرى .
وثمة قضايا مرتطبة في اللقطاء وبشكل متوازٍ وباتت ملاحظة اخيرا كحالات انتحار خادمات والتي تبعا لمصادر اجتماعية مرتبط بحملهن وذلك نتيجة تعرضهن للتحرش الجنسي او الاغتصاب الذي يقود الى الحمل ،فتجد الخادمة نفسها في مواجهة مشكلة الحمل وانتظار طفل لا يتم الاعتراف به فتقدم على الانتحار او انجاب الطفل و القائه بالشارع .
ويرى الحديدي ان مثل هذه القضايا تتطلب تعزيز النهج القائم على العقوبات والقوانين اضافة الى تعزيز الوعي المجتمعي و الاسري بمثل هذه الامور كي تصبح العقوبات متماشية مع الوعي وحجم القضايا ومدى ضررها على الاسرة وافرادها و الاشخاص الذين تعرضوا لمثل هذا العنف باختلاف اعمارهم .
واكد ان مسؤولية مواجهة والتعامل مع هذه القضايا سواء الاطفال اللقطاء والعنف ضد الاطفال او النساء يتطلب جهدا تشاركيا ، وهو ليس مسؤولية جهة ما او وزارة واحدة للتصدي لهذه القضايا بل الامر يحتاج الى جهد وطني تشاركي تسهم فيه الجهات المعنية يؤدي بالنهاية الى الحد منها .
واشار الى ان اشراك الجهات الدينية كالافتاء في ايجاد حلول لبعض القضايا التي تتعلق بالحمل غير الشرعي باختلاف اشكاله يؤدي الى انهاء معاناة الضحية ومساعدتها قبل الوصول الى مرحلة انجاب طفل غير شرعي يكون مصيره الشارع او مؤسسات الرعاية الاجتماعية .
وينبه الحديدي الى ان بروز هذه القضايا المجتمعية من عنف ضد الاطفال او لقطاء او نساء تعرضن للعنف او الاغتصاب هي قضايا لم تصل الى حدود الظواهر الاجتماعية وهي تحدث في دول اخرى متقدمة ، مؤكدا ان ما نحتاجه الان ليس جلد الذات بقدر التاكيد على الدور التشاركي الهام بين جميع الجهات للوصول الى حلول جذرية تسهم في التخفيف من مثل هذه الحالات  .
ويرى الحديدي ان قضايا التفكك الاسري والطلاق وهجر الاب لاسرته وترك المسؤولية في تربية الاطفال للأم التي هي ايضا في كثير من الحالات تتخلى عن دورها وتترك أطفالها يؤدي الى حدوث حالات العنف ضدهم و الحاقهم بدور الرعاية .
واكد ان الطلاق والتفكك الاسري يؤثر سلبا وبدرجة كبيرة على الاطفال ان لم يتم الاعتناء بهم من جهة الاب او الام او اقارب الاسرة بشكل صحيح وابعادهم عن الرعاية الاجتماعية البديلة التي برغم حرصها على تقديم ما يحتاجه الطفل الا انها لا يمكن ان تكون البديل الحقيقي للأطفال عند ابتعادهم عن اسرتهم وابائهم وامهاتهم .

دور المؤسسات الرسمية
في حالة اللقطاء ،يعد دور المؤسسات الرسمية محدودا ويقتصر على امرين اولهما ايواء الاطفال من تلك الفئة وهو ما تقوم به وزارة التنمية الاجتماعية ، والامر الثاني توعوي وهو ما تسعى اليه التنمية والمجلس الوطني لشؤون الاسرة .
وسعت التنمية ومعها المجلس العام الماضي الى ايجاد استراتيجية ومنهجية واضحة للتعامل مع هذه القضية التي تكررت كثيرا في تلك الفترة الا انه لم يتم الخروج بشيء محدد او قرارات واضحة حيال هذه القضية .
في المحصلة ، يبقى الحال على ما هو عليه ، حيث يتم العثور على طفل حديث الولادة فيمنح لقب لقيط  يوضع بمؤسسات الرعاية الاجتماعية ، لكن اذا كانت المراة التي انجبت هذا الطفل لم تجد طريقة اخرى للتخلص من طفلها سوى تلك الطريقة ، فمسؤولية من توفير الحماية لهذه المراة وطرح الحلول البديلة لها قبل ان يصل حملها الى الشارع ، بدلا من اختزال القضية بطفل اسميناه لقيطا ؟.