صورة المرأة في الاعلام العربي

الرئيسية > المركز الاعلامي > الأخبار > صورة المرأة في الاعلام العربي
Printer Friendly, PDF & Email

رهينة الصورة النمطية ورمزا للمتعة

الخزاعي: وسائل الإعلام في الوطن العربي لا تلبي سوى (33 %) من حاجيات المرأة عواد: الدراما تقدم المرأة على انها شريرة او ضعيفة

العرب اليوم - طارق العاصي

مع ثورة الاتصالات وانتشار الفضائيات زاد تأثير وسائل الإعلام المرئية بزيادة الاهتمام بها لسهولة التقاطها وتنوع خياراتها, ولقد ذهبت إلى غير رجعة تلك الأوقات التي كان فيها المواطن العربي مجبراً على رؤية محطات البث الوطني حصراً. فقد أصبح قادراً عبر الصحن اللاقط والذي أصبحت تكلفته زهيدة, أن يشاهد كل القنوات العربية وغير العربية, وأن يختار ما يناسب اهتماماته من هذا الطيف الواسع من القنوات المعروضة أمامه.

حصر المرأة بالاعلام

رغم التحسن الطفيف جداً الذي جرى على تغطية قضايا المرأة على الفضائيات العربية, إلا أن الصورة النمطية للمرأة في الثقافة العربية فرضت نموذجها على التغطيات الفضائية وعلى البرامج التي تقدم, فباستثناء عدد محدود جداً من البرامج التي تتعرض للمرأة من مواقع مناقشة قضاياها السياسية والاجتماعية والثقافية, وهي ما يناقش ضمن مفهوم برامج الأسرة, وليس ضمن مفهوم برامج المجتمع, ما يعني أن هذه المشكلات تكاد تكون خاصة, وليس لها تأثير على المجتمع, بالمعنى الشامل للمجتمع. فإن صورة المرأة لم يجر عليها تغيير يذكر في وسائل الإعلام العربية, صورة تحاكي الثقافة الشعبية عن المرأة كما يريد الرجل أن تكون, كائناً خارج الفعل والتأثير في القضايا الحاسمة لا في الأسرة والمجتمع.

لذلك ليس من الغريب أن تعكس وسائل الإعلام العربية الصورة التقليدية للمرأة, على اعتبار أنها سيدة المطبخ والمهتمة ببطون العائلة من جانب, والمهتمة بعروض الأزياء وأدوات التجميل ودعاياتها وصاحبة الوظيفة الوحيدة في الحياة بأن تنجب الأطفال للأسرة من جانب آخر. أي إنها ذلك الشخص المتعلق بالشكليات, لا يهمه أي شيء في هذه الدنيا غير هذه الشكليات.

العاطفة تعيق المرأة

وحتى تنسجم هذه الصورة مع الصورة التقليدية للمرأة, يتم تصوير المرأة على أنها تجرها العاطفة ولا تستطيع مقاومتها, وبالتالي غير قادرة على التفكير السليم, لأن العواطف الجياشة التي تجتاحها المرأة تجعلها أسيرة هذه العواطف وغير قادرة على المحاكمة العقلية. ومن هنا فإن المرأة تقدم دائماً على أنها الناطق بلسان العاطفة, ومن الممكن أن تتحدث عن الأطفال والأزواج والتربية الرقيقة, ولكننا نادراً ما نشاهد المرأة التي تدافع عن القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية, وتخوض المعارك من أجل قضايا تتجاوز إطار أسرتها إلى الإطار العام الذي يخدم المجتمع. وهذا ما يعتبر في الكثير من الحالات أنه يقدم صورة إيجابية للمرأة. ولكن ينقلب العاطفي إلى عيب, وهذه وظيفته الأساسية, عندما يترافق مع التأكيد على أن هذه العاطفة تحتاج إلى ضابط, وهذا الضابط لا يمكن أن يكون غير الرجل, وبالتالي على المرأة أن تستسلم للعقل الراجح للرجل, الذي يملك من العقل الكثير ولا تسيطر عليه العواطف التي تعوق تفكير النساء, وبالتالي عليها الاستسلام لأفضلية الرجل, والرضا في البقاء في موقع دوني أقل من الرجل.

تصوير نمطية المرأة

وانتقدت تجاهل وسائل الإعلام للأدوار الرائدة للمرأة وإعادة إنتاج صور نمطية كصورة المرأة الضحية أو التقليدية أو الاستهلاكية. الدراسة ذهبت أن هناك تفاوتا بين الخطاب السياسي وواقع صورة المرأة في الإعلام, كما سجلت الدراسة غياب استراتيجية إعلامية واضحة في مواضيع تخص قضايا المرأة.

وسيلة ترويجية

في مجال الاعلان, سجلت الدراسة أن المرأة ما تزال رهينة الصور النمطية المختزلة في دور ربة بيت أو رمز للذة والمتعة, بينما تقدم الرجل في أدوار الرئيس أو المدير أو رجل الأعمال, وخلصت إلى أن الاعلان يظهر المرأة تخدم الرجل بالدرجة الأولى.

رأي الاجتماع

وحول هذا موضوع الاعلان والترويج اكد الدكتور حسين الخزاعي استاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية إن المرأة تتأثر بكثير من قرارات الاستهلاك بكم الاعلانات التي تبث وتعلن هنا وهناك وقد تتفاوت اقتصاديات المرأة العربية من دولة عربية إلى أخرى وبالتالي الفضائيات تجعلها تشاهد الاعلانات التي تستهدف المرأة وطلباتها الاستهلاكية قد تتزايد بسبب هذه القنوات الفضائية

ورأى أن القيم الأسرية التي توجد في الفضائيات قيم ليست متكاملة ولا تعني القيم الاجتماعية التي ترفع من مستوى الاداء المجتمعي ولا ترفع من درجة الوعي القانوني ولكنها تشكل نموذجا للمرأة التي تهتم بهيئتها الشكلية بملابسها ومكياجها وعمليات التجميل التي تتم لها حتى تماثل وتحاكي بعض الفتيات اللاتي يشاركن في اغاني الفيديو كليب وبالتالي تهبط بنسق الاسرة وتهبط بنسق الفتاة التي يفترض انها تبني اسرة في المستقبل.

رأي تربوي

وحول هذا الموضوع اكدت المرشدة التربوية هناء السرحان بان التركيز في المحطات الفضائية على الشكل الخارجي للمرأة وبالتالي لا تلتفت المحطات للبحث عن عمق وجوهر المرأة ممثلة برغباتها وميولها, واضافت ان الدراما ايضا تقدم المرأة على انها شريرة سواء كانت ام او زوجة غير مثالية او بدائية في تفكيرها واحيانا تقدمها المرأة الضعيفة التي لا تقوى على الدفاع عن نفسها.

واكدت عواد من النادر ان ترى برامج تعطي صورة المرأة الحقيقة وارى بتلك البرامج وان قلت بانها ترتقي بالمرأة وتبين المامها بشتى المواضيع, لكنني ارى بان الفضائيات غالبا ما تقدم المرأة كسلعة.

تجريد المرأة من الطموح

إن معظم الصور التي تقدمها الفضائيات العربية للمرأة تفتقر إلى معالجة الواقع الحقيقي للمرأة في المجتمع, الواقع الحي الذي تواجهه يومياً, فمعظم هذه الصور تقدم المرأة بلا طموحات ولا وجهة نظر في القضايا العامة, ولا حتى مشاكل طبيعية مع محيطها الطبيعي, وأكثر من ذلك تقدمها بلا طموحات شخصية تتجاوز جدران المنزل, والمفارقة التي نجدها في هذا الإطار, هي حتى النساء العاملات يحلمن فقط في المنزل, ولا نجد لهن طموحاً خارج المنازل أو في إطار العمل, وتصور المرأة العاملة التي تملك طموحات مشروعة خارج المنزل بأنها مجردة من مشاعر الأمومة, ومعتدية على العادات والتقاليد, وهي تخوض الصراع مع المجتمع الذي لا بد من أن ينتهي بإقرارها بالخطأ الذي ارتكبته, وبالتالي عودتها إلى المنزل من جديد.

دور الفضائيات

إن الانتشار الواسع للفضائيات العربية, يفترض أن يجعلها عاملاً مساعداً في تحسس القضايا الملحة والمباشرة للمجتمعات العربية, وليس وسيلة للتسلية فقط. وقد نجحت الفضائيات في رسم صورة واضحة للعديد من المشكلات التي تعاني منها المجتمعات العربية, وبحكم ضعف إمكانية الرقابة عليها, استطاعت أن تتعامل مع قضايا حساسة بالكثير من المسؤولية, وأن تعطي صورة واضحة عن الواقع العربي البائس كتصوير الوضع المأساوي في أكثر من مكان من العالم العربي, أو الدفع تجاه التضامن مع نضالات الشعب الفلسطيني كما جرى في انتفاضة الأقصى التي شهدتها الأراضي الفلسطينية, لكنها في موضوع المرأة بقيت محافظة على بث صورة تقليدية عنها. والاستمرار في تعزيز هذه الصورة على هذه الشاكلة, يبقي أوضاع المرأة العربية في حالة يرثى لها تحت ضغط الواقع من جهة, وتدمير وسائل إمكانية الخروج من دائرة القهر التي تقع المرأة تحت وطأتها.

 واضاف الخزاعي ان وسائل الإعلام في الوطن العربي لا تلبي سوى (33%) بالمئة من حاجيات المرأة, وتفتقر في معظمها إلى استراتيجية واضحة في التعامل مع قضايا المرأة. وان البحوث والدراسات العربية تؤكد ان الإعلام العربي تناول موضوع المرأة بصورة سلبية, وصور المرأة العربية على انها فاسدة الأخلاق والعقل والطباع وجاهلة وضيقة الأفق ومستضعفة الجسد. ومثيرة جنسيا ولا يعنيها إلا مظهرها وتصور المرأة العاملة التي تملك طموحات مشروعة خارج المنزل بأنها مجردة من مشاعر الأمومة, ومعتدية على العادات والتقاليد, وهي تخوض الصراع مع المجتمع الذي لا بد من أن ينتهي بإقرارها بالخطأ الذي ارتكبته, وبالتالي عودتها إلى المنزل من جديد.ورسخت الاغاني والفيديو كليب الذي يعرض حاليا وبكثافة عالية ومن قبل (400) محطة فضائية عربية للاسف في اذهان الناس الصورة النمطية للمرأة العربية حيث قدمت هذه الاغاني صورة الجسد والاغراء الذي تقوم به وبالتالي هي مصدر المتعة والجنس والاثارة, او صورة المرأة الخائنة عديمة الوفاء.

وقال الخزاعي: للأسف (10%) فقط من اوقات بث هذه القنوات مخصص للبرامج الاسرية والحوارات الاسرية ونجاح المرأة وطموحها ومشاركتها في قضايا التنمية والبرامج الاخرى كافة التي تناولت المرأة العربية ركزت على ان المرأة العربية اما ان تكون زوجة او أم وربة بيت لا تعمل إضافة إلى كونها أختا أو ابنة تدور في فلك الرجل ولا يعنيها الشأن العام.